تشهد كرة القدم السعودية حالة جدل واسعة حول مركز حراسة المرمى، في ظل اجتياح الحراس الأجانب لأندية دوري روشن للمحترفين، مقابل تقلص فرص مشاركة الحراس المحليين.
اقرأ أيضاً | غضب هلالي من موعد ديربي الرياض أمام النصر.. لهذا السبب
ومع ارتفاع عدد الحراس الأجانب إلى أكثر من 14 لاعبًا في الموسم الأخير، أصبح المنتخب الوطني السعودي يعيش على وقع أزمة تهدد مستقبله، وسط مطالبات حثيثة بإعادة النظر في سياسات القيد والاستقدام للحفاظ على هوية الأخضر.
🔹 موسمان من التألّق مع #الهلال 🗓️
“ياسين بونو” في أرقام 🔝🏅 pic.twitter.com/LOXSzoSEWz
— نادي الهلال السعودي (@Alhilal_FC) July 19, 2025
أرقام تُنذر بالخطر
خلال السنوات القليلة الماضية، تحول مركز حراسة المرمى في الدوري السعودي إلى وجهة مُفضَّلة للأندية من أجل التعاقدات الأجنبية، بحثًا عن عنصر الخبرة، بعدما فتحت لوائح اتحاد الكرة الباب أمام استقدام حراس مرمى من الخارج منذ موسم 2017.
ونجد عضو مجلس إدارة نادي الهلال السابق، عبد الكريم الجاسر، يطالب إدارة ناديه بسرعة التعاقد مع حارس مرمى أجنبي لتعويض غياب المغربي ياسين بونو خلال فترة مشاركته مع منتخب بلاده في بطولة كأس أمم أفريقيا 2025 المقرر إقامتها خلال الفترة من 21 ديسمبر 2025 حتى 18 يناير 2026.
لوكان لي من الأمر شيء لتعاقدت مع حارس أوربي فقط للدور الاول.. وذلك لتخريب مخططهم الواضح وضوح الشمس.. فعلاً دلال كبير يحظى به فريقنا ولكن..مهما فعلوا فهناك عداله إلاهية لاتغيب..! https://t.co/rMSVc8TWAn
— عبدالكريم الجاسر (@aaaljasser) August 2, 2025
ويؤكد طلب عبد الكريم الجاسر عدم وجود ثقة لديه ولدى الجماهير الهلالية في حراس المرمى المحليين المتواجدين حالياً في قائمة الهلال، وهم «محمد اليامي (27 عاماً) – أحمد أبو راسين (21 عامًا) – عبدالله الغامد (18 عامًا).
في المقابل، يحاول حارس المرمى نواف العقيدي (25 عاماً)، البحث عن فرصة للمشاركة أساسياً مع فريقه النصر بعدما عاد إليه هذا الصيف عقب انتهاء فترة إعارته مع الفتح، ولكن حتى الآن لم تحسم إدارة العالمي قرارها في ظل تواجد البرازيلي بينتو، إلى جانب الثنائي المحلي، راغد النجار (28 عامًا) وأمين البخاري (28 عاماً).
ما هي النتيجة؟
- أكثر من 14 ناديًا في دوري روشن يعتمدون على حارس أجنبي أساسي.
- تقلص معدل مشاركة الحارس المحلي في الدوري إلى أقل من 30%.
- جلوس حراس دوليين سابقين على مقاعد البدلاء لأشهر طويلة.
كيف تأثر المنتخب الوطني؟
يعاني منتخبنا الوطني السعودي الأول منذ فترة من تراجع المردود في مركز حراسة المرمى، وهو ما بدا واضحًا خلال مشاركات الأخضر الخارجية في النسخ الأخيرة من بطولات العالم وآسيا، حيث اعتمد الجهاز الفني على حراس يفتقدون حساسية المباراة بسبب قلة مشاركتهم بشكل أساسي وكبير مع أنديتهم.
أبرز مظاهر التأثر:
- غياب المنافسة بين الحراس المحليين بسبب قلة المشاركات.
- صعوبة تجهيز الحراس بدنيًا وفنيًا للمنافسات الدولية.
- الاعتماد على حراس كبار في السن مثل عبدالله المعيوف (38 عاماً) -بلا ناد حالياً-، محمد العويس (33 عاماً) -ذهب إلى دوري يلو-، وأحمد الكسار (34 عاماً) -احتياطي القادسية-.
ومؤخراً بدأ منتخبنا الوطني الأول في الاعتماد على حارس المرمى نواف العقيدي، الذي يحاول الحفاظ على حساسية المشاركة في المباريات بالبحث عن فرصة للعب سواء مع النصر أو أي ناد أخر في الدوري السعودي للمحترفين، وهو ما يقلق المدير الفني للأخضر، المدرب الفرنسي هيرفي رينارد.
العقيدي يواجه صعوبة في حجز مكان له ضمن التشكيل الأساسي لأي من الأندية الكبرى، سواء النصر أو غيره، في ظل اعتمادهم جميعاً على حراس أجانب، ما يحرم حارس الأخضر من إمكانية المشاركة بالبطولات القارية الخارجية لاكتساب مزيد من الخبرة.
آراء الخبراء
بعض الخبراء يؤكدون أن قرار استقدام الحراس الأجانب جاء بهدف التطوير، لكن تأثيره السلبي ظهر على مستوى مشاركة الحراس السعوديين، ما أدى إلى تراجع مستوى الحارس المحلي.
البعض الأخر، يشير إلى أن الحراس المحليين تطوروا (نظريًا فقط) نتيجة الاحتكاك بالأجانب، لكنهم لا يحصلون على فرصة إثبات الذات في الملعب، والمشاركة في المباريات بشكل مستمر وأساسي شيء هام جداً لحارس المرمى نظراً لحساسية مركزه داخل المستطيل الأخضر.
قرار إنقاذي.. هل يكفي؟
في خطوة تهدف لدعم صناعة حراس المرمى الوطنيين، أصدر الاتحاد السعودي لكرة القدم في 29 مايو 2024 قرارًا بمنع تسجيل الحراس الأجانب في دوري يلو للدرجة الأولى ابتداءً من موسم 2025-2026، ما يعني قصر المشاركة على الحراس السعوديين فقط في هذا الدوري، كمحاولة لخلق قاعدة قوية للمستقبل.
ولكن يبقى السؤال: هل يكفي تطوير الحراس في دوري الدرجة الأولى، بينما تظل مقاعد دوري روشن محجوزة للأجانب؟، وهل يمكن لمنتخبنا الوطني السعودي الاعتماد على حارس قادم من الدرجة الأدنى؟.
حلول مقترحة للخروج من الأزمة:
- تقنين عدد الحراس الأجانب المسجلين في دوري روشن.
- فرض نسبة مشاركة إلزامية للحراس السعوديين.
- توسيع برامج تطوير الحراس بالتعاون مع المدارس الأوروبية، وتشجيعهم على الاحتراف الخارجي.
في النهاية، مركز حراسة المرمى هو القلب النابض لأي فريق، والمنتخب الوطني السعودي لا يمكنه بناء مستقبل قوي دون حراس يملكون خبرة المشاركة على أعلى مستوى.
استمرار اعتماد الأندية على الحراس الأجانب، وإن كان هدفه تقوية المنافسة، إلا أنه يهدد عمق المنتخب الوطني، الذي بات بحاجة ملحّة إلى قرارات جريئة تُعيد الثقة إلى الحارس المحلي، وتُعيده إلى الملاعب قبل أن نجد أنفسنا أمام أزمة هوية في أهم مركز داخل الملعب.