وجد بن هاربورغ ضالته في نادي الخلود السعودي، الذي لا يحظى بقاعدة جماهيرية واسعة ما يراه بيئة ملائمة لمشروعه الساعي لتنفيذه بخطوات بطيئة، لكنها طموحة تتضمن بنية أساسية والتعاقد مع شبان موهوبين، أملا في أن يكون "برينتفورد أو برايتون" الدوري السعودي لكرة القدم للمحترفين.
طرحت وزارة الرياضة السعودية في أغسطس 2024 ستة أندية للتخصيص (للبيع)، قبل أن تطرح في يوليو هذا العام الخلود ضمن المسار الثاني لمشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على أقطاب جدة والرياض (الهلال والنصر والاتحاد والأهلي) عام 2023.
وكان صعود الخلود لدوري الأضواء الموسم الماضي، سبباً في أن يصبح أول نادٍ يستحوذ عليه مستثمر أجنبي في يوليو، إذ وجد الأميركي هاربورغ، المالك الشريك لقادش الإسباني، أن الخلود النموذج المناسب للاستثمار.
الخلود والتجربة الإنجليزية
قال هاربورغ في مقابلة مع رويترز عبر تطبيق زووم: "الفريق لا يملك تاريخا كبيرا، معظم السعوديين لم يسمعوا به وهذا يعني أنه باستطاعتنا تكوينه بطريقتنا الخاصة. فالمشكلات (التي تواجه الملاك الجدد) هي التوقعات الكبيرة".
أضاف: "هذا النادي يمنحنا القدرة على التغيير... سنغير البنية الأساسية ويمكننا بناء قاعدة جماهيرية بالطريقة التي نريدها. إذا حاولنا الاستحواذ على فريق كبير والمنافسة مثل بقية الأندية فسنخسر".
ولا يتطلع هاربورغ لنجاح سريع، رغم الوصول لدور الثمانية لكأس ملك السعودية هذا الموسم لأول مرة، إلا أنه يعتقد أن هدفه الموسم الحالي هو عدم الهبوط.
وقال: "النادي الذي نبنيه يحتاج لوقت. ليس مجرد التوقيع مع نجم كبير وإنفاق الكثير من المال. سنأخذ وقتا طويلا في إقامة بنية أساسية سليمة وأكاديمية، وتحديد اللاعبين (المطلوب ضمهم)، ولكن أحيانا سنضطر لبيع لاعبين".
وتابع: "إذا قلت للجماهير في فريق أكثر شهرة إنك مضطر لبيع لاعب كبير لديك لضمان الاستدامة المالية، فإنها ستغضب. كنا واضحين منذ البداية، بأننا سنضطر لبيع البعض وهذا جزء من نموذجنا. تحديد لاعبين رائعين محليا أو عالميا لم تكتشفهم الفرق الأخرى أو لم يكن لديها الوقت لتطويرهم ثم نبيعهم، وهكذا نغطي التكاليف".
ولدى الفريق، الذي تأسس عام 1970 في مدينة الرس بمنطقة القصيم (وسط السعودية)، تسع نقاط بعد ثماني مباريات ليحتل المركز العاشر في الدوري.
ويطمح هاربورغ أن يصبح الخلود مثل فرق منتصف الجدول في الدوري الإنجليزي الممتاز في الأعوام المقبلة، مضيفاً "إذا وصفتنا بعد خمس سنوات بأننا برنتفورد أو برايتون السعودية، فهذا يعني أننا قمنا بعملنا كما يجب. القرار الأذكى هو أن نبقى فريق في منتصف الجدول. لا نهبط، لكن لا ننفق أيضا بشكل مفرط في محاولة لمجاراة الأندية الكبرى والتي ستصبح في النهاية ثمانية أندية ضخمة".
أكمل "هذا يعني الاستمرار في ضم لاعبين أجانب مميزين من خلال اكتشاف المواهب وتطوير لاعبين سعوديين مميزين من خلال أكاديميتنا. وأعتقد أن الوصول للمستوى الذي نطمح له سيستغرق عدة سنوات".
وينظر المستثمر الأمريكي (45 عاما) للكرة السعودية باعتبارها تعيش مرحلتها الثالثة والمتعلقة "بالخصخصة الحقيقية" بعد المرحلة الأولى التي بدأت بالتعاقد مع البرتغالي كريستيانو رونالدو ثم المرحلة الثانية التي تم خلالها جلب عدة لاعبين بارزين "مقابل مبالغ أكثر" من قيمتهم الحقيقية.
وقال "أعتقد أن أيام دفع السعودية لأرقام مبالغ فيها (أكثر من القيمة الحقيقية) للاعبين بدأت تقترب من نهايتها. الآن المرحلة الثالثة وهي الخصخصة الحقيقية. إقدام وزارة الرياضة على بيع أحد الأندية لصندوق الاستثمارات العامة ليس خصخصة حقيقية، بل هو خطوة انتقالية... وسيتم خصخصة تلك الأندية التابعة للصندوق على الأرجح قريبا أيضا".
وأضاف عن النادي الذي تغير شعاره منذ الاستحواذ عليه "نحن نمثل المرحلة الثالثة، ومهمتنا هي قيادة هذا الجيل الجديد من الأندية، والتمسك بمبدأ ألا ندفع مبالغ كبيرة... لكن لدينا بعض المزايا لنقدمها".
"نحن ندفع (الرواتب) في الوقت المحدد وبكفاءة، ونتعامل مع لاعبينا كمحترفين مثل الأندية العالمية، ونعاملهم وفقا لأعلى معايير التميز التشغيلي ونبني أفضل المرافق وأفضل (نظم) التدريب والتغذية وعلوم الرياضة والدعم والتعافي والطب الرياضي".
تجربة أوكلاند أثليتكس وكرة المال
ركز الخلود في تعاقداته على جلب المواهب الشابة، فضم المهاجم الأرجنتيني راميرو إنريكي من أورلاندو الأميركي ولاعب الوسط الإنجليزي جون باكلي من بلاكبيرن، بالإضافة إلى الجناح السعودي الواعد عبد العزيز العليوة من النصر، سعيا لتطويرهم ثم بيعهم وإعادة استثمار الأموال.
ويسعى هاربورغ لتجربة نموذج أوكلاند أثليتكس، الذي اعتمد على طريقة إحصائية مبتكرة في التعاقد مع اللاعبين، وحقق نجاحا في دوري البيسبول الأميركي، وظهرت قصته في فيلم موني بول (كرة المال)، الذي أُنتج عام 2011.
وقال "البيانات تأتي أولا، معظم الأندية تستخدمها والكثير منها لديه نفس ما نملك...لكن الفرق هو أننا نثق بها ولا نسمح للبشر (فقط) باتخاذ القرارات. بالتأكيد نعمل وفقا للبيانات والإحصاءات؛ لأننا نثق في أن البيانات ضرورية لاتخاذ قرارات تتعلق باللاعبين. أنا مالك للنادي، لكنني أتنحى جانبا... لأترك المجال للمحترفين ليفعلوا ما يجيدونه... والنتيجة اتخاذ قرارات موضوعية".
وتعول إدارة الخلود على المدرب الإنجليزي ديس باكنجهام، الخبير في تطوير اللاعبين الواعدين بعدما عمل مع منتخبات الفئات السنية المختلفة في نيوزيلندا، والذي خاض تجارب مع ملبورن سيتي الأسترالي ومومباي سيتي الهندي.
ختم هاربورغ حديثه عن المدرب "أكثر ما أعجبنا هو تدريبه مومباي سيتي في السابق. هذا وضع مشابه لنا إلى حد ما، من حيث بعض الفوضى على صعيد البنية الأساسية وظروف الحياة اليومية".













English (US) ·