90 دقيقة انقضت من مباراة مهمة –مرت مرور الكرام- دون أن يهتم بها أحد، حيث جرت بعيدًا عن البث المباشر على أي من القنوات الرياضية العربية باستثناء تطبيق شاهد، رغم إن أحد أطرافها نادٍ مصري بكل ما تحمل تلك الفكرة من زخم جماهيري غاب بالكلية عن هذا المشهد، سواء في الملعب أو خلف الشاشات، لتكون المحصلة في الأخير أن مواجهة نصف العالم ستجمع بين الأهلي وبيراميدز لحساب كأس القارات «إنتركونتيننتال».
اقرأ أيضًا | موعد مباراة الأهلي ضد بيراميدز في كأس القارات
النادي المصري المرصع في تاريخه غير الممتد لسنوات طوال ببطولتين فقط، واحدة منهما جاءت من الباب الواسع عبر دوري أبطال أفريقيا في واحدة من كبرى مفاجآت «الماما أفريكا»، نجح في الفوز على أوكلاند سيتي بثلاثية دون رد، في المواجهة التي جمعتهما على ملعب الدفاع الجوي، بعيدًا عن الصخب والأضواء والضجيج وربما المنافسة أيضًا.
الأزرق السماوي يُسيطر 🏆🔵#FIFAIntercontinentalCup pic.twitter.com/XqO8zmDycf
— كأس العالم FIFA 🏆 (@fifaworldcup_ar) September 14, 2025
فوز الفريق السماوي لم يكن على أوكلاند لم يكن مفاجأة بطبيعة الحال، حيث اعتاد الطرف النيوزيلندي على الخروج المبكر من المحفل الدولي وبأكبر عدد من الأهداف، بغض النظر عن اسم المنافس، إلا أن الأهم هنا أن بيراميدز بات وجهًا لوجه مع الأهلي في موعد استثنائي يمنح الفائز بطولة جديدة بختم «فيفا»، ويصبح رسميًا بطل نصف الكوكب.
وعلى الرغم من أن المنطق والواقع والتاريخ يمنح رجال المدرب ماتياس يايسله أفضلية كاسحة على حساب النادي القادم من القاهرة، بالنظر إلى فوارق الأسماء والإمكانيات والمعطيات وقبلهم الأرض والمدرج الأخضر –وما أدراك ما جمهور الأهلي- إلا أن على الراقي الحذر كل الحذر من تلك الموقعة الفاصلة والتي تمنح بطل النخبة موطأ قدم على الساحة العالمية لأول مرة في تاريخه.
ليس لديه ما يخسر
أصعب المواجهات تكون بطبيعة الحال أمام منافس ليس لديه ما يخسر فالتواجد في هذا المحفل في حد ذاته حلم كان حتى ما قبل صافرة أوكلاند سيتي بعيد المنال، بيد أن المقادير جرت على هذا النحو في سيناريو خيالي لأحد الأندية التي لم تكمل بعد عامها السابع بالمسمى الجديد بيراميدز، والسابع عشر منذ ظهر إلى النور تحت اسم الأسيوطي.
بيراميدز، الذي بات طفرة تلمس باليدين في الكرة المصرية في حصاد يدين فيه بالفضل كل الفضل إلى معالي المستشار تركي آل الشيخ الذي أحدث نقلة نوعية في تاريخ النادي الذي كان حتى عام 2018 أحد الفريق المغمورة، قبل أن يغادر الاستثمار في قاهرة المعز بالكلية، يدرك أن المشاركة في هذا التوقيت هي البطولة حد ذاتها دون النظر إلى حسابات المكسب والخسارة، حيث وضع اسمه بالفعل في خانة الكبار واليوم يخطو خطوة جديدة دون أعباء أو ضغوط على خلاف الأهلي، الذي لن يقبل بأن يخرج خالي الوفاض في أول ظهور عالمي بعد سنوات من الفرص الضائعة.
التعلم من دروس الماضي
المواجهة بين الأندية المصرية والسعودية في مونديال الأندية بثوبه القديم، تحمل الكثير من التناقضات منذ دشنها الاتحاد لأول مرة قبل عقدين على أرض الشمس المشرقة أمام الأهلي المصري –العامل المشترك في كافة المواجهات- وفاز بها العميد بفضل هدف الأسطورة محمد نور.
مواجهة طوكيو بين الأهلي والاتحاد دخلها الطرف المصري بأفضلية نسبي+2 ، ما لبثت أن تحولت إلى تعالٍ على الكرة، بينما منحت النمور حافزًا مضاعفًا للتأكيد على تفوق طالما ساندت الكرة السعودية أمام نظيرتها، وهو ما ترجمه إلى فوز تاريخي وتأهل مستحق إلى المربع الذهبي.
الموعد تجدد مع الأهلي ولكن المنافس هذه المرة الهلال، الذي امتلك أفضلية كبيرة على الورق وثقة لا تخطئها عين بات معها مرشحًا فوق العادة ليس لحسم النتيجة لصالحه فحسب، وإنما بعدد وافر من الأهداف، فكانت المحصلة ليلة للنسيان وخسارة قاسية برباعية موجعة، لم تمحو آثارها إلا الفوز بفضية العالم في المحفل ذاته وبعد أشهر معدودات.
ثالثة الأثافي كانت عودة إلى ذي بدء حيث تجدد المواجهة بين الأهلي والاتحاد، ما أفضلية كاسحة لصالح النمور بالنظر إلى الأسماء بقيادة بنزيما والإمكانيات وإقامة القمة في جدة على ملعب الجوهرة المشعة، ليباغت المارد الأحمر الجميع بانتظار بالثلاثة رد بها الدين وقلب المعطيات، وهو ما يستوجب الحذر من جانب الراقي قبل مواجهة بيراميدز حتى لا يلدغ من الجحر المصري من جديد.
قائمة مدججة بالخبرات
فوارق الأسماء يصب دون نقاش في خانة الأهلي بتواجد نجوم بحجم رياض محرز وإيفان توني وروجير إيبانيز وفرانك كيسيه وجالينو وإنزو ميلوت، ولكن هذا لا يعني أن المنافس على حداثة عهده مع المواعيد الكبرى لا يمتلك من الأدوات ما قد يسبب الكثير من القلق لكتيبة يايسله ويستوجب الكثير من التركيز والتماسك.
الفريق المصري يمتلك العديد من أصحاب الخبرات القادرة على إحداث الفارق، بتواجد الثنائي المغربي الدولي وليد الكرتي ومحمد الشيبي، ونجم التعاون السابق مصطفى فتحي، ورمضان صبحي، والمهاجم الكونجولي فيستون ماييلي، ومتوسط الميدان البوركينابي بلاتي توريه، وهي الأسماء التي نازعت الأهلي على زعامة القارة السمراء وأزاحت الزمالك بعيدًا عن ساحة الكبار.
صراع كرواتي ألماني
خارج الخطوط يطل صراعًا لا يقل إثارة عن المرتقب فوق العشب الأخضر، بين الكرواتي كرونوسلاف يورشيتش والألماني ماتياس يايسله، وهي معركة تميل فيها الخبرات إلى القادم من زغرب بفارق عمري يبلغ 18 عامًا، مع اختلاف شاسع وتباين كبير في الطابع بين الهادئ الأنيق والهائج المتوتر.
يورشيتش الذي حقق الكثير من الألقاب في كرواتيا رفقة دينامو زغرب قبل أن يخوض تجارب قصيرة في المملكة رفقة النصر والإمارات بألوان من يحمل الاسم نفسه، أحدث نقلة نوعية في عقلية بيراميدز لم ينجح فيها أسماء بحجم رامون دياز وجيمي باتشوكا، وبات يمثل التكتيك والدافع والمدرب والجمهور في آن.
في المقابل يايسله –غير المستقر دائما بين الرحيل والبقاء- منح الأهلي اللقب الغائب والنجمة المفقودة والمجد الذي طال انتظاره، وبرهن على أنه لم يكن وليد المصادفة بعد حصد السوبر السعودي قبل أيام على حساب النصر، ولكن عليه الآن الحذر من الكرواتي الذي لم يحترم الكبار في مصر ورضخ له الجميع في أفريقيا.
معطيات على الأهلي الحذر منها عندما يضرب موعدًا عربيًا خالصًا مع بيراميدز يوم 23 سبتمبر الجاري، على ملعب الإنماء في جدة، لحسم لقب كأس إفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا، في مهمة البحث عن لقب جديد، ومن ثم التأهل إلى نقطة أبعد حيث محطة نصف النهائي لمواجهة كروز أزول المكسيكي أو بطل أمريكا الجنوبية (الذي لم يتحدد بعد) على كأس التحدي، بينما ينتظر باريس سان جيرمان الفرنسي، بطل أوروبا، في المباراة النهائية يوم 17 ديسمبر.