نال النجم المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول، اهتمامًا واسعًا من قِبل وسائل الإعلام والصحف الأوروبية، بعد تألقه في مباراة الأمس أمام مانشستر يونايتد في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز.
وواجه ليفربول نظيره مانشستر يونايتد، في الجولة الثالثة من الدوري الإنجليزي الممتاز، على ملعب "الأولد ترافورد".
وفاز ليفربول بثلاثة أهداف دون رد، حيث نجح محمد صلاح في صناعة هدفين وتسجيل آخر.
وسلطت شبكة "ذا أثلتيك" العالمية الضوء على تطور محمد صلاح، وعدم اكتفائه بكونه غزير الأهداف، بل أصبح أحد أفضل المبدعين في الدوري الإنجليزي.
وقالت الشبكة في تقريرها المطول: "بعد 3 مباريات في الموسم الجديد من الدوري الإنجليزي، سجل محمد صلاح 3 أهداف، وصنع مثلها، منذ انتقاله إلى ليفربول في عام 2017، كان دائمًا أحد أكثر المهاجمين تدميرًا في الدوري، لكن بالنظر إلى الحجم الهائل من الفرص التي يصنعها، يُعد تذكيرًا بأن صلاح أكثر من مجرد هداف".
وأضافت: "لقد تم حصر مهارات محمد صلاح في بعض الأحيان بشكل ضيق، لقد وصل إلى ليفربول كمراوغ، يساهم أيضًا في الأهداف، لكن قلة من الناس توقعوا أنه في موسمه الأول سيتمكن من تحقيق رقم قياسي على صعيد الأهداف في موسم واحد من الدوري الإنجليزي (38 مباراة) والذي حطمه هالاند في وقت لاحق".
وواصلت: "لقد فاز محمد صلاح منذ ذلك الحين بالحذاء الذهبي مرتين أخرتين، وإن كان تقاسمه في كلتيهما، وفي الموسم الماضي صعد إلى قائمة العشرة الأكثر تسجيلاً للأهداف في الدوري الإنجليزي، وبحلول نهاية هذا الموسم، ربما يصعد إلى المركز السادس أو السابع، لكن هناك أيضًا فرصة جيدة لتفوق صلاح على ديفيد بيكهام وإنهاء هذا الموسم ضمن أفضل 10 صانعي أهداف في البطولة أيضًا".
وأردفت: "يتم تجاهل قدرة صلاح الإبداعية أحيانًا، ربما بسبب إنتاجه التهديفي ولأن اللعب كجناح مقلوب - وهو النهج القياسي الآن في كرة القدم على مستوى عالٍ - يعتمد بشكل عام على اللاعبين الذين يقطعون إلى الداخل ويسددون، في حين كان لاعبو الجناح يركزون في السابق على الإبداع".
واستمرت: "لا نفكر في صلاح في المقام الأول على أنه يقدم عرضيات مثل أرنولد أو كرات بينية مثل أوديجارد، لكن كيفين دي بروين فقط لديه تمريرات حاسمة أكثر منذ انضمام صلاح إلى ليفربول، ويمكن القول أن محمد صلاح هو أحد أكثر اللاعبين إبداعًا في الدوري، وصنعه تمريرتين حاسمتين ضد مانشستر يونايتد في نهاية الأسبوع - واحدة بقدمه اليمنى والأخرى بقدمه اليسرى - تُظهر التطور في لعبته".
وأوضحت: "لم يعد صلاح مراوغًا غزير الإنتاج، حيث يبدو أن عدد محاولاته في المراوغة آخذ في الانخفاض، ولكن الأهم من ذلك أن نسبة نجاحه في المراوغة انخفضت بشكل كبير عن سنواته الأولى - من 63 % إلى 35%، ويميل اللاعبون إلى أن يصبحوا مراوغين أقل خطورة مع تقدمهم في السن، ويبلغ صلاح 32 عامًا، ولكن لا يزال من المدهش أنه عانى من مثل هذا الانخفاض الحاد في هذا الأمر".
واستدلت: "من بين 51 لاعبًا حاولوا تقديم 75 مراوغة أو أكثر في الموسم الماضي من الدوري الإنجليزي، كان اثنان فقط لديهما معدل نجاح أقل من محمد صلاح، وهما رحيم ستيرلينج وأمدوني".
وأشارت: "ويجب الأخذ في الاعتبار كيفية صناعة محمد صلاح للأهداف، سواء عن طريق العرضية أو التمريرة أو المراوغة، من حيث المراوغة، تغلب على منافسيه 14 مرة قبل تسجيل الهدف في موسمه الأول، وفي المواسم الستة التالية مجتمعة، فعل ذلك 13 مرة فقط".
وشددت: "لكن أرقامه من حيث الإبداع تظل متسقة بشكل لا يُصدق تقريبًا، ففي جميع مواسمه السبع مع ليفربول باستثناء موسم واحد، خلق ما بين 103 و106 فرص لزميل في الفريق، وهناك بعض التباين لأنه لعب مباريات أكثر في بعض المواسم من أخرى".
وأكدت: "أرقام محمد صلاح مثيرة للإعجاب بشكل خاص، بالنظر إلى أنه لم يعد ينفذ ركلات ركنية أو ركلات حرة لـ ليفربول، وذلك بفضل وجود أرنولد وروبرتسون، جاءت ثلاث تمريرات حاسمة فقط من تلك المواقف - آخرها في أولى مباريات ليفربول في موسم 2019-20، وعلى الرغم من أنه قدّم بعض التمريرات الحاسمة الأخرى من الكرات الثابتة، إلا أن هذه التمريرات كانت ببساطة عن طريق لمس الكرة على بعد بضعة ياردات ليضعها أرنولد في الشباك".
اقرأ أيضًا.. روبرتسون: الناس تتحدث عن أهداف وتمريرات محمد صلاح وتنسى الأهم
ولم تكتفِ الشبكة بذلك، بل أضافت: "كما أن التمريرات الحاسمة التي يصنعها محمد صلاح من اللعب المفتوح مثيرة للاهتمام، يمكن التدقيق في تلك الخريطة الخاصة بمواقع التمريرات الحاسمة التي قدمها صلاح في الدوري الإنجليزي والتي بلغ عددها 72 تمريرة".
واسترسلت: "يتم لعب أغلب التمريرات الحاسمة من قِبل محمد صلاح بقدمه اليسرى المفضلة (النقاط الحمراء)، وخاصة تلك التمريرات من مواقع عميقة نسبيًا، حيث يمكنه الالتفاف إلى الداخل وتمرير الكرات البينية من الخلف، في حين أن التمريرات الحاسمة بالقدم اليمنى (الأزرق) والقدم اليسرى من الخارج (الأصفر) تتم دائمًا من قرب خط التماس، عندما يتقدم صلاح إلى الخط أكثر. وهذا منطقي".
وأوضحت: "وإذا نظرنا إلى مواقع التمريرات الحاسمة التي قدمها محمد صلاح في مواسم مختلفة، فمن الواضح أن تلك التي قدمها بالقدم اليمنى هي تطور حديث نسبيًا، وإذا قسمنا التمريرات الحاسمة التي قدمها صلاح في ليفربول والتي بلغ عددها 71 تمريرة إلى نصفين ــ تمريرة واحدة جاءت مع تشيلسي ــ فسوف تجد أنه في حين تم لعب ثلاث تمريرات فقط من أول 36 تمريرة بقدمه اليمنى، فإن تسع تمريرات من أصل 35 تمريرة أخرى كانت بتلك القدم".
ونبهت: "يمكن النظر إلى موسم 2021-22، وبعدما كان محمد صلاح يعتمد في السابق على قدمه اليسرى، بدأ في الدخول إلى مواقع أوسع واستخدام قدمه اليمنى بشكل أكبر للتمرير أو لعب الكرات العرضية عبر منطقة الجزاء، ومن المثير للاهتمام أن هذا التغيير جاء في الموسم الذي سبق وصول داروين نونيز الذي يريد تزويده بالكرات العرضية، كما كان هناك ارتفاع - وإن لم يكن واضحًا - في عدد التسديدات بقدمه اليمنى، مما يشير إلى أنه عمل على تحسين ضعفه".
هل هذا كل شئ؟ لا، وتابعت الشبكة: "لكن صلاح لا يزال يعتمد للغاية على قدمه اليسرى، وقد أضاف شيئًا إلى لعبته وهو القدرة على لعب تمريرات منحنية في الخلف بالجزء الخارجي من قدمه اليسرى، وجاء ذلك في المواسم الأخيرة، فمثلًا في مباراة ليفربول وواتفورد حيث الفوز 5-0 في أكتوبر 2021، فإن تمرير هذه الكرة تقليديًا إلى ماني بقدمه اليسرى يعني على الأرجح أن الكرة تمر إلى حارس المرمى، بدلاً من ذلك، انحنت تمامًا في مسار ماني".
وتابعت: "بالنظر إلى مقاطع الفيديو الخاصة بتمريرات صلاح، فإن الملاحظة الأكثر إثارة للاهتمام تعود إلى شيء تم ذكره سابقًا، لم يعد يراوغ المدافعين بانتظام، وفي حين أنه من المغري النظر إلى ذلك بناءً على وجهة نظره فقط، ماذا لو كان المدافعون يتصرفون بشكل مختلف؟ كلما نظرت أكثر، كلما بدا أن صلاح لديه سمعة معروفة في خداع المدافعين لدرجة أنهم يتراجعون كثيرًا، مما يمنحه وقتًا على الكرة ومساحة إضافية للعب الكرات البينية".
وقدمت الشبكة أدلة بناءً على تمريرة محمد صلاح الحاسمة في مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد أمس، عندما مرر لويس دياز الكرة إلى صلاح، توقف دالوت عن الحركة ثم تراجع، لم تكن هناك محاولة لمواجهة صلاح، لأنه كان خائفًا من أن يتم هزيمته على حدود المنطقة، وبحلول الوقت الذي لعب فيه صلاح التمريرة، كان دالوت قد تراجع إلى منطقة الجزاء، ولأن الابتعاد قليلاً عن صلاح يعني وجود زاوية أوسع للكرة، فقد مرت أمامه إلى دياز الذي يسجل".
وفي مباراة ليفربول وتشيلسي، الموسم الماضي، هناك دليل آخر: "عندما تلقى محمد صلاح تلك الكرة، كان هدف ليفي كولويل لاعب تشيلسي عدم مراوغته، لدرجة أنه تراجع ببساطة مسافة 20 ياردة نحو مرماه دون الضغط على المصري، ومرة أخرى، تفتح الزاوية لتمريرة حاسمة بسيطة نسبيًا، ولكنها ثاقبة لـ دياز".
وفي مباراة ليفربول ونيوكاسل يونايتد الموسم الماضي، كانت تمريرة حاسمة من محمد صلاح لـ جاكبو، وقالت الشبكة: "حتى عندما اضطر صلاح إلى بذل جهد كبير لتلقي الكرة على صدره، لم يرغب دان بيرن في مواجهته، وبالتالي، كان صلاح قادرًا على المراوغة بحرية، بينما كان ينظر إلى الأعلى ويقيم خياراته في الوسط، كان لديه المزيد من الوقت للتفكير في تمريرته وتم منحه مساحة بعيدًا عن المدافع".
وأصرت الشبكة: "هذا هو السبب في أن صلاح فعال للغاية، ليس على الرغم من مراوغة الخصوم بشكل أقل، ولكن ربما لأنه يراوغ أقل، سمعته بالتميز في جانب واحد من اللعبة تعني أن المدافعين يعوضون بشكل مفرط، وهذا سمح له بالتألق في جانب آخر".
واستدلت الشبكة بتصريح للمدرب السابق لـ ليفربول يورجن كلوب في الموسم الماضي: "كان محمد صلاح الشاب لاعبًا سريعًا للغاية ويمكنه الركض والمراوغة، منذ اليوم الأول هنا كان عليه أن يفعل أشياء مختلفة، وقد تكيف بشكل جيد للغاية، لكن صانع الألعاب في الهجوم كان ربما فيرمينو ولا تحتاج إلى أكثر من لاعبين (على الأطراف) أعمق".
وأضاف الألماني: "الآن الأمر مختلف بعض الشيء، خاصة عندما يلعب نونيز، لدينا لاعب سريع آخر هناك، لذلك تغير موقف محمد صلاح، إنه ذكي بما يكفي للتكيف مع كل هذه الأشياء وكان هناك تطور هائل منذ وصوله، إنه من الطراز العالمي، في جميع المراحل، وربما يكون هذا أفضل ما يمكنك قوله عن لاعب".
واختتمت الشبكة تقريرها المميز: "قد يكون موسم 2024-25 هو الأخير لصلاح في الدوري الإنجليزي، وعند رحيله، لا ينبغي أن نتذكره باعتباره مجرد هداف غزير الإنتاج، ولكن يجب وضعه إلى جانب تييري هنري وواين روني باعتباره هدافًا غزير الإنتاج وكان مبدعًا ذو نسق ثابت أيضًا".